قلوب من الجنه

لم اتعود ان اعود الى المنزل قبل العاشرة ليلا فبعض الاحيان اتأخر في المصنع الذي اعمل فيه لانجاز طلبيات جديدة او عمل صيانه لماكينات الانتاج.
 واذا ما غادرت المصنع مساءا تسكعت مع خطيبتي( زمن) المخرجة السينمائية الواعدة في هذا المجال، واحيانا تاخذنا اقدامنا الى شارع المسارح اوشركات الانتاج او نعطف على اشهر مقاهي الفن والفنانين في مدينتنا الضاحكة.
 اللا ان هذا اليوم يوم الخميس هو يوم استثنائي وخاص جدا لجميع افراد العائلة، حيث الجميع كان في انتظار وصول اخي ماجد الحاصل على درجة الماجستير من جامعة لندن.
 ولكن ماجد اخبر  والدتي قبل اسبوع بانه قام بتغيير الحجز ولكنه ابقى على التاريخ فقط اما زمن الوصول فلم يخبر به احد من العائلة ولا حتى والدتي ولا اعلم اذا كانت ست الحسن ام فؤاد قد اتفقت مع ماجد على ذلك .
 وصنع المفاجاءات هي موهبة يمتاز بها ماجد عني وعن اخي فؤاد. كان مصنع الالعاب الذي اعمل فيه لا يبعد كثيرا عن منزلنا .فانا اعمل كمدير لقسم  الالكترونيات في المصنع، واسمي( مالك) خريج هندسة الكترونية وانا الاخ الثالث والاصغر بين اخوين الاكبر هو طبيب جراح واسمه( فؤاد) اما الاوسط  (ماجد ) فقد سافر منذو سنتين  الى بريطانيا لنيل درجة الماجستير في الكيمياء.
اما والدي العزيز السيد (جميل ابو فؤاد) فقد توفي منذو ستة اشهر بجلطة دماغيه ادت بحياته وقد حظر ماجد مراسم الدفن ولكنه سافر بعد 3 ايام واوكل اخي فؤاد بالميراث والاجراءات المرافقة لعملية توزيع الارث .واما الدكتور( فؤاد) وهو الاخ الاكبر كما ذكرت ويعتبر ولي امر هذه الاسرة بعد وفاة والدنا.  فلكل اسرة يجب ان يكون لها كبير او  ربان يدير الدفة بمهارة حتى يصل بتلك الاسرة الى بر الامان فقد ترك ابي ارثا لايستاهن به من اموال منقولة وغير منقولة – لا اريد الدخول بتفاصيل المال والتركة - .
  واخي فؤاد متزوج من تيماء ابنة خالي عامر  وله ولد(مراد) وابنه(مريم) ويعيش في منزل منفصل ولكنه قريب جدا من منزلنا وزوجته تيماء(مذيعة تلفزيونية).امراءه وزوجة وام رائعة جدا اما خطيبتي( زمن) التي اعشقها بجنون، شابه جميلة جدا وعلى درجة كبيرة من الاخلاق والادب والثقافة.وبنظري فان الزمن لن يستطيع تكرار هذه الشابة فقد توقف عندها ووضع فيها كل الجمال على مر الزمن كله  .
وصلت المنزل في تمام الساعة ال 6.30 مساءا  وشعور لطيف يغمرني ، كعادتي ادخلت سيارتي الى كراج المنزل واخذت طريقي من قلب الحديقة حيث تعودت ان اجد والدتي تقوم بالاعتناء بالحديقة وخاصة تلك الزرعه التي زرعها ماجد واسمها (الجهنمية) ذات الزهور البنفسجية والتي تتسلق جدران المنازل وكنت اسميها المدادة وكنا نسال ماجد عن سبب تسميته لها بالجهنمية فكان يقول لانها تتعذب من اشعة الشمس فتحتاج الى ماء كثير لتروي عطشها فتهرب متسلقة جدران المنازل كانت له تفسيرات غريبة وكان اللون البنفسجي هو اللون المفضل عند اخي ماجد.
 لذا قام بطلاء غرفته باللون البنفسجي او حين تنتهي من الحديقة كانت تنتظرني بمجلس الحديقة لنشرب القهوة سويا.
 ولكن لم اجدها  هذا المساء تمارس هواياتها المفضلة.
فخطر ببالي ان هناك شئ اهم من الحديقة شغلها عنها .  فتوجهت الى المنزل مسرعا وناديت باعلى صوتي "امي امي يا حجة وينك ".
فمنزلنا نظام امريكي يتالف من طابقين فالعلوي مخصص للنوم  والارضي مخصص للجلسات والاستقبال والطعام وغرفة المربية (الشغالة) وكنت على علم بان سميرة الشغالة في اجازة هذا اليوم  ..فاستلقيت على احدى المقاعد،وانتباني شعور بالنعاس ورحت اتثاءب فالعمل في المصنع يرهقني بعض الاحيان وبهذه اللحظة تراءا لي طيف امي ،فمسحت وجهي بكفي وعركت عيوني باصابعي   .. فاذا بوالدتي تنزل عن الدرج ، وبرفقتها شب تضمه بحنان وابتسامه وسعادة غامرة لم ارها على محياها منذو موت والدي.
 وعندما تمعنت وركزت بصري كنت عرفت من الشب انه اخي ماجد فمنذو ستة اشهر عندما حظر جنازة والدنا كان نحيل الجسم ضامر العضلات ولم يكن مشرق الوجه حتى ان ابتسامته تختلف عن ابتسامته القديمة التي كان يخفيها وراء الجدية التي كان يتحلى بها فها هو يمتلك جسما رياضيا وعضلات بارزة ووجه متالق يلمع كتفاح لبنان   - فوقفت بكل قوتي واسرعت الى مطلع الدرج فاتحا ذراعي- وكان يفصل بيننا 6 درجات،  تمنيت ان اطير واحظنه او يطير هو ويحظني.كنت اتمتم ببعض الكلمات التي يقولها الفرحان بلقاء عزيز عليه فلا انا فهمت تلك الكلمات ولا حتى اخي ماجد سمعها ومع ذلك اخذته بالاحضان بعض ورحنا نقفز على الدرج فرحا وطربا وسعادة بهذه المفاجاءة ولا اخفيكم الامر فقد ادمعت عيناي فانا ضعيف في مثل هذه المواقف المؤثرة ولا استطيع التحكم بدموعي فوالدتي تقول- وتصفني بالرجل الذي يملك قلب طفل- وقلت :
 "يامشكلجي يا ابو المفاجاءات هيك بتعمل فينا "  وسمعت همهمة امي واحسست باصابعها تتخلل شعري .فقال وهو يضحك والسعادة تغمره :
 "شو الحلاوة ياولد.. طويل وجميل ماشا لله..واخيرا ياامي ..يا اجمل ام بالدنيا يا ريحة الماضي والحاضر والمستقبل الله يرحمك يا ابو فؤاد انفاسك باقية  مثل عطر الياسمين..    "..فقلت معلقا على كلام ماجد :"عطر الياسمين لعاد ..بريطانيا غيرت حتى الاشياء التي كنت تحبها "..رايته قد تفا جاء من كلامي وبدا عليه شئ من التوتر وقال:
 " ليش يا حبيبي ..ولا ابو ولا ام بريطانيا بتغير اي شي فينا هياني قدامك ..شايف اشي متغير علي " فقلت :
"ممممم يعني ممكن عطر الياسمين احلى من عطر البنفسج " فقال :
" عطر البنفسج هو عطري ولوني ورائحة امي ..شو اخبار نبتتي الجهنمية "
 فقالت امي:
 " تستطيع ان تصبح عليها وتمسي عليها كل يوم من نافذتك "
 فقال :
" لقد وصلت نافذتي ..الله عليك ياامي "
فقلت مازحا :
"وايضا تستطيع تسلقها الى غرفتك والنزول عليها من غرفتك ..مافي اي داعي تستعمل الدرج الداخلي للمنزل "
  فقال:
 " طيب ممكن امسي عليها " فقلت "جاي من السفر وقاطع الاف الاميال عشان اتمسي على الزريعة ايش الرومانسية هاي يا ابو جمانه "
 فقال باستغراب:
 " مين جمانه هاي ..هو انا يا امي كنت متزوج قبل ما اسافر "
 فقالت امي بسعادة
: " جمانه ياولد ..انسيت جمانه ..جمانه الجهنمية ..النبته اللي سميتها بالجهنمية على اسم جمانه ..حب الولدنة "
 فقال غير مصدق:
 " اوه ه ه ..يا جماعة ..اكبرنا وانسينا الماضي .."
 فقلت لامي:
 " الظاهر ياامي ابنك فقد ذاكرته بدراسة الكيمياء وخاصة الكيمياء البريطانية ..لحست مخه "
 فقال متهربا:
 " مشكلجي انت يامالك ..افلامك المحروقة ..اعرفناها "
 فقلت فرحا:
 " ههه انت هلا ماجد اخوي "
فسمعت والدتي تقول من بين الدموع :
 "اليوم عرس ياحبايبي وين فؤاد وزوجته واولاده  لقد تلفنت له منذو وصول ماجد لا بد انه مشغول "
 فقلت لها:
 "سياتي ياامي لاتقلقلي ،وكل غائب معذور، اليس ذلك صحيحا ياماجد"
 فقال ماجد:
 "ولما العجلة ياامي انا متعب الان واريد ان ارتاح فالسفر انهك قواي واتعبني  "
كان يبدو على اخي ماجد التعب والارهاق والريبه في نظراته كنت اراه ينظر الى والى امي بتمعن وبتركيز لا ادري هل السفر والاقامة بدولة اوروبية يغير من شخصيتنا ونظرتنا الى الاخرين هل يشعر العائد من الغربة او من الدراسة بان الناس الذين اعتاد الحياه معهم بان حياتهم لا تلائمه او اننا اصبحنا في نظر اخي ماجد مختلفين على ما اعتاد عليه في اوروبا لا لا ....اعتقد ان اخي ماجد بحاجة الى فترة نقاهة من اسبوع الى اسبوعين حتى يتكيف ويعتاد المكان والزمان. يقولون بان الحياه في بريطانيا اسهل من الحياه في منزل جديد اشتريته بنفس المدينه التي تعيش فيها   .
فقالت والدتي لماجد وهي تقبله بين الفينه والاخرى و قاطعة حبل افكاري :
 "لقد اعطيت سميرة اجازة اليوم لو كنت اعرف بانك ستاتي اليوم لاجلت اجازتها...بعدين هل انت مجنون ..تخفي علينا موعد وصولك ..كنا نريد ان نحتفل ونجهز المنزل باللوان "فقلت متهكما : " واشجار الزيتون ونعمل لك نصبه على باب الفيلا ونكتب عليها حجا مبرورا وذنبا مغفورا ..الحج ماجد الكيماوي " فضحك ماجد ضحكة طويلة اما والدتي فقد شدت ذاني واجبرتني على دخول المطبخ لصنع العصير وهي تضربني على يدي وكاني مازلت طفلا بنظرها ..الله على جمال الام وحبها لابنائها تشعر وانت جالس امامها  بانك تجلس في بستان تتلذ بكل شئ دون ان تاكل اي شئ كلامها ضحكتها نظراتها لمساتها قبلاتها فواكه تتدلى في ذاك البستان ...ولكنها اجبرتني على استبدال البستان بالمطبخ ..جهزت العصير ..ووضعت بعض الفواكه ..ثم خرجت الى الصالون فقامت والدتي كعادتها باطعام ماجد بعد ان قطعت التفاحة ثم اطعمتني ..ووالدتي لم تترك هذه العادة حتى بعد ان كبرنا ..حتى فؤاد مازال ياكل من يد امي ويقول (هذه يد من الجنه التي هي تحت اقدام امي فكيف نردها وكل الخير فيها) ..حتى اولاده وزوجته يطيرون فرحا ويضحكون وهم ياكلون من يد والدتي ..حتى ماجد كان يقول (حتى طعم الاشياء من يد امي تختلف عن طعمها اذا مااكلناها بايدينا) .فقال ماجد بقسوة :" ياامي ما هذا الذي تعمليه ..انا لي يدان وغير مصاب بالشلل ..استطيع الاكل لوحدي .." فنظرت الى امي ..وكان سهم مسموم اصاب قلبها .." فقالت بغضب شديد : " انت مين ..ابني لايمكن يحكيلي هذا الكلام..هو كل من يذهب الى دولة اجنبية يعود ويترك قلبه هناك او ينسى العادات والتقاليد اللي اتربى عليها ...مالك اصعد الى الاعلى واحضر حقائب اخيك واحجز له على اقرب طائرة مغادرة الى لندن   " فقلت متداركا الوضع مبتسما :" مابك ..هل جننت.. هل فقدت عقلك..كيف تكلم الوالده بهذه الطريقة " قال والتوتر يبدو عليه :" ياامي والله لم اقصد اي شئ ..فقط اردت ان ترتاحي ..ولا تزعجي نفسك باكلنا ..يكفيني ان استمتع بحديثك ووجهك الذي افضله على القمر ليلة البدر ..هيا لا تزعلي ..انا حبيبك ماجد ..بس السفر والضغط النفسي اتعبني وارهق تفكيري ..ساصعد اجمع حقائبي ..واعود الى وطني الذي هو قلب امي " فابتسمت واشرق وجهها مرة اخرى " اياك ان تزعلني مرة اخرى ..تاكل من يدي وانت ساكت"فقام من مكانه وقبل راس امي ثم يدها وقال " ساستحم الان ..وارتاح قليلا ..فقد اشتاق جلدي الى ماء الوطن ..فماء الغربة ثقيل "فقلت قبل ان يتركنا " واين الهداية ...اهم شي الهديه واللا بفضحك على السوشيال ميديا " فقالت امي معاتبه " ياصغير العقل ..اترك اخاك يرتاح الان ..فالهدية تكون قيمتها اكبر كلما تاخرت واخوك ماجد احسن من كل هداي العالم ..اعقل ياولد ..خطيبتك ترفض الزواج بك لان عقلك لم يكتمل..وتتصرف كالصبيان .."فقال ماجد " لقد جبتي العيد ياامي ..لم يبقى له جبهه بعد هذا القصف المكثف " فقلت وانا اضحك " هيك ياامي ..ياخسارة القهوة اللي بنشربها كل يوم سوى ..بعتيني بلمح البصر ..وشمتي فيا واحد تخصص كيمياء ...ضاعت كرامة الهندسة الالكترونية " فضحكنا جميعا وصعد ماجد الى غرفته وامي تنظر اليه لم استطع تفسير تلك النظرات هل هي نظرات الفرح بقدوم ماجد ؟؟ ام هي نظرات استهجان من بعض التغييرات الواضحة من تصرفات ماجد؟؟؟فسمعتها وهي تقول بصوت منخفض جدا :     
"لا يكون لقاء الولد بامه بمثل هذا الفتور بعد غياب سنتين حتى لوكان التعب والارهاق قد اثقل كاحليه فعلى الاقل ان يبدي بعض الاهتمام بمن غاب عنهم "
ولكن قلب الام اكبر من كل المساحات وحتى وقلبها يعتصر الما اللا انها دائما تجد او تخلق الاعذار لابنائها فليس لامي مثيل على وجه الارض ففي حالات الياس الشديد تمدك بالامل ولو بنظره من عيناها او ابتسامة ترسمها على شفتيها تعيد لك الحياه.
 دخل فؤاد المنزل برفقة زوجته تيماء واقبل على والدته وقبل يدها ثم فعلت تيماء نفس الشئ ومسك انفي وفركه ثم حظنتني تيماء، عائلة متحابه تجمعنا الكلمة اللطيفة والشعور الجميل الذي نكنه لبعض ليس هناك اية حواجز بيننا هكذا تربينا على يد ابوين رائعين (جميل وجميلة).
لا
اعرف هي صدفة جمعت والدي بوالدتي ام هي بركات من السماء جمعتهم سويا لان من الصعب جدا ان تتقارب اسماء الوالدين فلم اسمع مثلا (كريم قد تزوج كريمة )او (سمير تزوج بسميرة )او( فتحي تزوج بفتحية) المهم ان جميل تزوج بجميلة وكنا محظوظين بانتماءنا لهذه العائلة ، ولكنهم لم يتوجوا هذا الانجاز واقصد بالانجاز نحن الثلاثة، باخت تملاء منزلنا الجميل ببعض الدلع والحنان بالرغم من ان والدتي هي نبع للحنان ولكن لاباس، فابنت اخي فؤاد مريم هي نسخه طبق الاصل من جدتها جميلة ولا انسى طيبه تيماء زوجه اخي فؤاد وللعلم فتيماء هي ابنت خالي عامر الذي يشرف على ادارة المصنع وهي  الوحيدة من ام اجنبية تزوجها خالي وبعد ان انجبت تيماء تركتهم وعادت الى فرنسا ولم تعد.
 كان فؤاد وتيماء يتلهفون شوقا لرؤية ماجد وعندما اخبرته امي بانه صعد ليستحم ويرتاح ،استاء فؤاد جدا وبان عليه وعلى زوجته عدم الرضا ، ظن فؤاد بانها مقلب من ماجد فقد تعودنا ان نمقلب  بعضنا منذو زمن ولكن اكدت له كلام امي.   
-         وفجاءة قفز فؤاد من مكانه واشار لي بان اتبعه الى غرفة ماجد وقال ساخرا:" سترون ماجد على اليوتوب غدا وهو يستحم-وراح يهتف وانا ارد ورائه - .. مافي نوم ..بعد اليوم....مافي نوم..حمامك رح يتاجل اليوم " هذه الروح التي يملكها فؤاد هي روح والدي التي كان يتمتع بها وقد ورثها فؤاد عنه بالكامل فلا يطيق النكد ويثور على  الحزن ويتوج نفسه باكليل الفرح فنتبعه بسعادة، وفرحٍ
وصلنا سويا الى غرفة ماجد ولكننا لم نجده في فراشه بل وجدنا ملابسه وجواز سفره وساعته وتلفونين التلفون الثاني قديم ومغلق فنهاني فؤاد عن العبث باشياء اخي اللا انني لم اكترث لكلامه فانا معروف بالعائلة وعند اصحابي بالشب الفضولي فما ان يقع بين يدي تلفون ، ورقة ،رسالة ،جواز اي شي لقريب او لصديق اللا والشيطان يؤزني ازاً لرؤيته واذا لم انال مبتغاي اصابتني حساسية مثل حساسيتي للشوكلاته فرحت اولا اقلب ذاك التلفون الغريب فغرابتي تكمن في ان ماجد لايملك مثل هذا التلفون فهو من اشد المتابعين لاحدث موضات التلفونات ثم تناولت جواز سفره ورحت اقلب صفحاته لا اعرف عن اي شئ ابحث وتوقفت عند احدى الصفحات التي عليها اختام المطارات ، فسالت فؤاد عن تاريخ اليوم فرد عليا بانه- 15 من شهر مارس 2017- وضعت الجواز جانبا ولم ابدي اي استغراب او انفعال حتى سمعت فؤاد يطلب مني عدم التحرك والصمت ففتح باب الحمام ودخل صارخا بعد ان شغل تسجيل الفيديو  ليفاجاء ماجد فسمعت عدة صرخات داخل الحمام  ، فاذا بفؤاد يتدحرج حتى وصل عند قدماي وكان الدم ينزف من انفه لقد تجمدت في مكاني وعيوني تسمرت على باب الحمام كنت اتوقع بان يخرج من الحمام الرجل الاخضر او هالك هوجن فامسكت بيد فؤاد ورفعته عن الارض ثم خرج ماجد من الحمام يضع الروب على جسمه كنت اريد ان انفجر ضاحكا اللا انني تمالكت نفسي فاسرع ماجد الى فؤاد ثم احتضنه وراح يقبل راسه اللا ان فؤاد ازاحه بكلتا يداه وكان يتالم كثيرا وعيناه تندف دمعا ليس بكاءا وانما من اثر تلك
فقال فؤاد وهو بحالة غضب وبانفعال شديد وتوقعت من فؤاد ان يرفع ماجد بالهواء ويطيح به ارضا ولكنه قال  :
 " يخرب بيتكم ..متفقين عليا ..قلبتوا المقلب على راسي ..وين امخبين الكميرا ..اقسم بالله اذا مابتحكولي وين الكميرا اللا اشتكي عليكم الجوز ..الاخ جاي من السفر متحمس ..ولك على الاقل مركلي هالمقلب اللي كنت ناوي اسويه فيك .لا في احترام لا لكبير ولا منصب ..مقالب مقالب مقالب ... " انا متاكد مليون بالميه بان الذي حدث ليس بمقلب او نكته ..فانا وماجد حتى لم نتكلم باي شئ حتى ان ماجد راح ينظر الي باندهاش واستغراب وكانه يسالني عن اي شئ يتكلم فؤاد .انا باعتقادي ان ماجد لديه مرض ما بدماغه او انه سقط على راسه وفقد جزء من ذاكرته هكذا كان يبدو لي وبصراحة، لم ارى بحياتي مثل هذه الحركات ولا حتى بالافلام ..وفي مكان ضيق ..فانا اكثر الناس معرفتا باخي فهو عندما يصاب بالزكام لايتخلص من البلغم بل يبلعه حتى لا يذهب الى الحمام انه كسول جدا 
فقال ماجد والحيرة تبدو عليه
 "سامحني يااخي ارجوك لا اعرف ماذا حصل لقد ارتعبت .هل انت بخير ..ان الدم ينزف من انفك ..سارتدي ملابسي وناخذك الى المستشفى  " وفعلا نزع ماجد ثوب الحمام فرايت شيئا عجيبا اراه لاول مرة على كتف ماجد الايمن كان علم الجزائر فنظرت الى فؤاد ظنا مني بان فؤاد قد راى التاتوو (الوشم) ولكن فؤاد كان منشغلا بانفه الذي كسر بالتاكيد
فقال فؤاد بعد ان استعاد وعيه وتوازنه   
 "..انت فعلا انسان مجنون.." فلبس ماجد ملابسه بسرعه
وفي هذه اللحظة دخلت والدتي وتيماء وعندما وقعت اعينهم على فؤاد ومنظر الدم الذي يسيل من انفه ارتعبت والدتي وتيماء وصرخت والدتي "ماذا حدث لك ياولدي ..هل حدث شئ بينكم "فاخذ ماجد تيماء بالحضن ..ردة فعل غير متوقعة ..يضرب الرجل على انفه ويحتضن زوجته ..فقال فؤاد ردا على سؤال والدتي واندهاش تيماء التي جلست بجانب فؤاد تخفف عليه الامه
 " لقد تزحلقت داخل الحمام اردت مفاجاءة ماجد وعمل مقلب فانقلب السحر على الساحر ..خذيني ياتيماء من هنا ففي غرفتنا صندوق للاسعافات الاولية .." فاخذت زوجها  الى غرفتهم المخصصة لهم في المنزل   لتعتني به وتنظف الدماء.فطلبت من ماجد ان يرتاح من عناء السفر وان لايشغل باله بهذه المسالة "فقدر الله ماشاء فعل ".
- وساهتم انا بفؤاد اذا اراد الذهاب الى المستشفى- واخذت بيد امي وانا احاول ان اهدئ من روعها اللا انها تركتني ودخلت غرفتها وقالت " اخوك فؤاد لم يقع ارضا ..بل لكم على انفه ..وماجد هو من لكمه ...لماذا يحدث هذا "  اردت التهرب من الجواب حتى لا اؤكد ظنونها...فالمساله برمتها لم تكن مقصوده ولكن هكذا هم الامهات لايرضين بالقليل من الكذب من اولادهم ..فاكدت لها بان ماحدث كان عبارة عن مزحة من فؤاد وردة فعل متسرعة من ماجد الذي اصابه الرعب او الخوف لانه لم يتوقع ان يدخل عليه فؤاد الى داخل الحمام .فدخلت غرفتها واغلقت الباب و لكني لم اتزحزح من امام غرفتها فقد وقفت هناك مثل الابله الذي لايعرف الى اين يذهب ولكن عقلي هو من ذهب الى صورة الوشم (علم الجزائر)..عجبا.. ماذا يفعل علم الجزائر على كتف اخي ماجد وتاريخ 10-03 -2017 تاريخ  ختم المطار (القادمين) وصول اخي ماجد الى الدولة و15-03-2017 هو تاريخ اليوم تاريخ وصول اخي ماجد الى المنزل اذا اين كان خلال الخمسة الايام المضية ولماذا يكذب علينا .. اللا ان جرس  تلفوني قطع عني الاتصال بحبل افكاري، فكانت زمن خطيبتي هي المتصلة كانت على مقربة من المنزل فاخبرتها بان اخي ماجد عاد من السفر، وطلبت منها القدوم وان تؤجل ما اتفقنا عليه منذو يومين، وهو السفر برحلة بحرية على يخت احد الاصدقاء. فاحسست من صوتها بان تاجيل رحلتنا لم يروق لها حتى انها اغلقت السماعة دون وداعي فايقنت بان هذا اليوم هو يوم النحس العالمي نزلت الدرج الى الصالة السفلية وناديت باعلى صوتي على مدبرة المنزل السيدة سميرة مع العلم بان والدتي اخبرتني بان سميرة في اجازة لهذا اليوم .  حتى جاء فؤاد وتيماء وكان فؤاد مازال واقعا تحت الصدمة يتحسس انفه تارة وجبينه تارة اخرى فطلبت من تيماء ان تعد لنا القهوة وتضيف كوب اخر لخطيبتي زمن واخبرتهم بانها على وصول وبعد ان غادرتنا تيماء لاعداد القهوة نظرت الى فؤاد وضحكنا سويا وقال فؤاد
 " هل هذا الوحش هو ماجد ؟؟؟؟ ..ام تم تبديله في لندن  "ضحكنا وارتفعت اصواتنا بالضحك حتى ان تيماء قالت من داخل المطبخ
" اكيد نكته قوية او مقلب صنعتوه "  
حينها رايت علامات سوداء بداءت تتفتح تحت عين فؤاد اليمنى مع احمرار بياض العين.فقال لي
 " هل علامات السوينج ظهرت "
فباغته واخذت له عدة لقطات بكمرة تلفوني وقلت له " ستراها كلها على الانستغرام والسناب شات غدا "
فقال:
 "ان شالله  ستكون نهايتك على يدي اذا نشرت اي صورة لي بهذا المنظر   
 هيا سنذهب الى المستشفى لا بد من تنظيف الانف وتصحيحه..ان الالم زاد واشتد "
فظهرت تيماء وهي تحمل صينية القهوة فقال فؤاد
 " ..اراكم الان كما ترى الدجاجة الناس "
 فقالت تيماء
 " وكيف ترى الدجاجة الناس!
 فقال فؤاد
 " تراهم بالمقلوب"
                                             فقلت ممازحا تيماء
                         " سارسل لك عدة صور للدجاجة على الواتسب"
وقبل ان نغادر قالت تيماء لفؤاد " ارجو ان تطمانني بما يحدث ولا تنسى ان تمر وتصطحب الاولاد واحلام الى هنا" فقال لها :"استخدمي تلفونك بشي مفيد... حللي ثمنه"ثم غادرنا المنزل بعد ان اخذت كوب القهوة..اما تيماء فقد صعدت بالقهوة الى الطابق العلوي متوجهه الى غرفة والدتي   
كانت والدتي  تندندن بتلك الاغنية  العجيبة التي كانت تغنيها لنا بطفولتنا حتى ننام   
"اولادي الثلاثة في حظني ينامون ..احلم ان اراهم غدا يكبرون ..فؤاد الطبيب ومالك العجيب وماجد الصغير مصباحي المنير ...قصرنا العالي من الجنه ينادي..واشجار التفاحي وعطرها الفواحي..تسقط وتنادي ...ها قد اتى الصباحي ..بنور الشمس من فوق السحابي   "
فنام ماجد على انغام هذه الاغنية نوما عميقا.كان فؤاد سارح بنظره من خلال زجاج باب السيارة يتحسس انفه ثم نظر الي وقال لي
 "اخوك ماجد انسان غير طبيعي لقد عاد من مكان دمر نفسيته وحطم الاشياء الجميلة التي كانت داخله وكنا نعرفها لقد ذهب قبل خمس سنين وكله طاقة وعنفوان وتصميم على تحقيق النجاح اما هذا الذي نراه وهذا الذي عاد بعد غياب انسان محطم "
فقلت
 "واين كان في اعتقادك "
 " اما في مصحة عقلية او معتقل سياسي "
 "انا ار جح قصص الافلام  بان وقع داخل الحمام او ارتطم راسه بحوض السباحة او ان احدا ضربه على راسه ففقد الذاكرة "
 "ثم سقط مكيف من احد البنايات على راسه فعادت له الذاكرة "
 "هههههه..مايزيد حيرتي هذه القوة التي يتمتع بها انت لم ترى مارايت "
 " انا الضحية والضحية غالبا لاتعرف مصيرها..هناك في المعتقلات او المصحات النفسية يمارسون حياتهم الطبيعية يتدربون ويسبحون ويلعبون بحريه "
 " ان كان مثل ماتقول فما سبب هزالته وشحوبه "
 " اذا اين كان ولماذا يتهرب من الاجابة..دب النوم عليه فجاءة هل غاب خمس سنوات لياتينا نعسانا وقذرا ...اسمع يامالك بيك ..غدا وقبل ان نجتمع معه اريد ان اعرف على اي خطوط جوية وصل الدولة.." " وما الفائدة قد يكون قد سافر من لندن الى دولة ااوروبية او عربية وجاء منها ..المهم ان نجلس معه ونعرف منه الحقيقة ..وان كان يكذب فا استطيع ان اعرف الانسان الكاذب من الصادق "
 " وكيف هل ستركب منبه على لسانه يزمر اذا كذب ولا ستركب لمبه حماء"
 " حماء حلباء "
 " حمراء"
 " ههها لقد بلشت تخنب وتقطش الكلام ..حالتك صعبه جدا يافؤاد "
 " الله بلاني بشماته لو كنت اعرف ما سيحصل لي كان بعثتك امامي ..ولكنا الان نبحث عن نصف انفك المفقود .."
وصلنا المستشفى ودخلنا الى قسم الطوارئ كان لاخي فؤاد سمعة طيبة فالكل يحترمه ويقدره فحينما راءه الاطباء والممرضات تسابقوا لخدمته فهو اشهر من علم على جبل في مجال مهنته واخلاقه التي تضرب بها المثل وخدماته الانسانية في مجال الصحة والرعاية الطبية ومرشح مستقبلا ليكون وزيرا للصحة ..استقبلت تيماء خطيبتي الرائعة والانيقة صاحبة الذوق الرفيع واقول عنها ذلك فقط لانها احسنت في قبولي كزوج لها في المستقبل القريب وهذا ينم عن ذوق رفيع ..فقط للمداعبة ..حتى لاتقولوا عني باني مغرور ..ولكن للامانه فانا هو المحظوظ لانها وافقت على طلبي لها..فانا عندما رايت ذاك الجمل وذاك القد الذي اتقن الله صنعه لم يكن عندي امل 1% بانها ستقبل فيا او تفكر حتى بالنظر الي ..المساله لم تكن تتعلق بثقتي بنفسي او عدمها ..من يجلس امامها ويستمع اليها يكون على يقين بان هذه الفتاه اميرة ..وتتحدث كملكة وتتحرك كحورية من الجنه ..ومع ذلك فزت بها لانه سحر الاسمر الذي هو انا وليس المسلسل الهندي الممل ذاك الذي تشاهده العجائز اللواتي يخفن من النوم ..؟؟؟ فسحر الرجولة اقوى من سحر الاميرات والملكات وحتى الحوريات. هل تعلم اخي بان تلك النساء اللواتي تقدمن بالسن قليلا يشاهدن جميع المسلسلات الهندية والتركية بجميع الحلقات في الفترة المسائية ثم يشاهدن الاعادة عصرا لنفس الحلقات انه ادمان الياس والملل ومع ذلك لا نلومهم فالرسالة الامومية ادوها بكل امانه وتخرج من تحت ايديهم رجال عظماء ونساء انجبت هؤلاء العظماء ..نعود الى خطيبتي التي ما ان دخلت الى حديقتنا حتى غنت لها ازهار واشجار الحديقة اجمل اشعار الحب والهيام والشوق ورقصت لها العصافير على اغصان الشجر ..كانت تحمل بين يديها علبة شوكلات كهدية مع ان حبة شوكلاته واحدة قد تدخلني الى غرفة الانعاش 3 ايام لدي حساسية سمية ضد الشوكلاته فحبة شوكلا بالنسبة لي كلسعة افعى صفراء صحراوية ..لقد ورثت هذا الشئ عن ابي رحمة الله عليه .. تفاجاءت عندما لم تراني باستقبالها وظنت باني مع اخي ماجد ولكنها استغربت وجود تيماء وحيدة في الحديقة وكان اول سؤال خطر ببالها "اين الجميع... هل هم مجتمعين مع ماجد..ولماذا انت هنا "فقصت عليها تيماء ما حدث هذا المساء باختصار وعن الحالة المزرية والغموض الذي يلف حول غياب ماجد وتصرفاته الغير مقبولة واستهجان الجميع من كلامه وردة افعاله ،اللا انا والدتي ظهرت فجاءة تحمل مصلاتها وقراءنها فراتها زمن واسرعت اليها وحظنتها وامسكت بيدها ثم جاءت تيماء وامسكت بيدها الاخرى فقالت والدتي بسعادة غامرة " لقد رزقني الله بثلاث اولاد وابنتان لم انجبهم ولكن قلبي يحبهم ويشتاق لهم كما يشتاق المسلم الى رمضان " ..وبعدها ادركت غيابنا...فاخبرتها تيماء بذهابنا الى المشفى بسبب الالم الشديد الذي اصاب فؤاد بانفه وان لا تقلق فالامور بخير . فدخلت والدتي المصلى الذي بنيانه بوسط الحديقة وبعيدا قليلا عن الجلسة وهو بناء زجاجي من الخارج ذو قبه زجاجية من الاعلى ومفروش بالسجاد وبجانب المصلى ميضاء يتسع لشخصين وجلست تيماء وزمن على مقعد من الرخام خارج المصلى فسمعت تيماء صوت يناديها صوت مراد ابن 10 من عمره ومريم بنت الثامنه من عمرها وتتبعهم المربية احلام وهي مسيحية من بلد عربي مفكك ومعظم اهله نازحين ومهجرين تخلى عنهم العرب وتولى امرهم من ليس له دين ولا نسب امسوا في وطنهم غرباء واصبحوا بلا ذكريات تركوا بيوتهم تعيش فيها الغربان تنعق ليلا نهارا بالخراب .اقدم الاولاد على امهم قبلوها وقبلتهم ثم قبلوا زمن فقبلتهم وسالوا عن عمهم الجديد ولما عرفوا بانه بانه في فراشه قعيد دخلوا على جدتهم وراحوا يصلوا معها فسالت تيماء احلام عن فؤاد فاخبرتها احلام ان السيد فؤاد اتصل بمراد واخبره بان نذهب اليكم بالسيارة الاخرى لانه سيتاخر قليلا بالمشفى . عندما وصلت انا واخي فؤاد المنزل وجدنا الجميع حول مائدة العشاء ينتظرون قدومنا خاصة خطيبتي زمن التي ما ان راتني حتى قامت واخذتني بالاحظان فاعترض فؤاد بخفة دم فهو المريض والمصاب وهو اولى بهذا الحظن مني. طبعا هو قصد المزاح مع خطيبتي ومع ذلك سحبته من يده واصبحنا كثلاثي الاحظان فانظمت الينا تيماء ومريم ومراد فاصبحنا خماسي الاحظان فدعت لنا الوالدة بدوام المحبة وان لايحرمنا من هذه السعادة وماهي اللا دقائق حتى انظم الينا الخال العزيز عامر (ابو تيماء) كان معظم الحديث يدور عن ظهور ماجد المفاجاء بعد غياب طويل وكثير من الاسئلة التي طرحت للمناقشة عن المكان الذي كان فيه وهل تزوج وانجب ام انه كان يعاني فرضا من مرض ما ولماذا لايوجد حقائب معه كانت اسئلة كثيرة منطقية وغير منطقية ثم تحدثنا عن اخر المشاريع  الاخراجية لخطيبتي وهل تمت الموافقة عليه من الرقابة ليتم عرضه فاخر مشاريع زمن هو فلم يتحدث عن الجاريات والسبايا في الحروب الحديثة واعتقد ان اسم الفلم هو الدولة النخاسية فتمنى لها الجميع النجاح والتقدم في عملها ثم طلبت مني ان الحق بها الى الحديقة اما والدتي وفؤاد وزوجته واولاده صعدو الى الطابق العلوي للنوم فقد شارف الوقت على منتصف الليل اما احلام المربية فدخلت الى المطبخ بناء على طلب الخال عامر الذي يحب الارقيلة من بين يدي احلام  الذي كان معجبا جدا بها فالخال عامر يبلغ من العمر 55 سنه اعزب ومطلق وارمل ومنفصل هذه هي الكلمات التي يجيب بها على اي سؤال يتعلق بحياته الزوجية  واما احلام فقد كانت تبلغ من العمر 35 سنه وتقوم بتربية ولدين وبنتين انجبتهم من زوجها الذي مات في الحرب حتى انها لاتعرف اذا ماكان قد مات او مازال حيا فالحرب لا تترك خلفها اي قصص او بقايا من البشر الذين تطحنهم فالرجل يخرج ولا يعرف اذا كان سيعود لعائلته او يسجل في ذاكرة المفقودين وهي الذاكرة التي تفرضها السجون او قوارب الهجرة التي تقلهم اما الى الموت او الى عالم النسيان فاذا ما نجوت من امواج البحر القاتلة ودلفت الى البر سالما اصبحت عبارة عن رقم في معسكرات ومجمعات الذل لقد اعجبني كثيرا المقال الرائع الذي نشرته جميع الصحف في دول اروبا عن مايدور في تلك المجمعات او كما تسميها المانيا( الهايمات ) ومايتعرض له المهاجرون من بيع اولادهم وبناتهم واعضاء اجسادهم لعصابات الاتجار بالبشر طبعا نحن كمسلمين ممثلين بدولة الاسلام الداعشية لم تكن السباقه. ولكنها الاولى على مستوى الوطن العربي والمقال كتبته زوجة اخي تيماء فهي صحفية رائعة وقلمها سيف حاد على رقاب الفاسدين والمفسدين فهي لاتكتفي بملاحقة الفساد الداخلي بل وايضا الخارجي وهذا ماجعلها هدف غير معلن عنه  للتخلص منه دون لفت الانظار ..المهم جلسنا وانا خطيبتي في مكان خاص اعددته بنفسي فقط من اجل زمن جلسة بسيطة بجانب المسبح فيها كل مايحتاجه المرء حمام وثلاجة وفرش عربي كان من قبل يستخدمها اخي فؤاد بصراحة هو الذي اسسسها وبعد ان تزوج وغادر المنزل تبرع لي بكل محتوياتها والجميل بهذه الغرفة بانها مركبه فوق جزء من المسبح بارضية زجاجية تغطيها سجادة اما جدرانها فلا احد يستطيع رؤيتك من الخارج وانت الوحيد الذي يرى الجميع من الداخل فجلسنا جنبا الى جنب وسالتني عن اخر المستجدات في عملي فقلت لها ان الامور تسير بشكل جيد اللا ان المصنع يواجه صعوبة في انتاج العاب جديدة وتم رفض افكاري الجديدة التي تتعلق بتطوير الالعاب فانا املك مختبر للالعاب ملحق بغرفة نومي بالطابق الاعلى ثم تحدثنا عن ماجد والقلق الذي سببه لنا بتصرفاته الغريبة واعتدائه على فؤاد من غير قصد وهذا مايخيفنا اكثر هو ذلك العنف الذي ظهر في ردة فعله وتوصلنا في النهاية بانه يجب الانتظار حتى نسمع تفسيرات ماجد وقصته عن غيابه الطويل عن المنزل ثم خرجنا فوجدنا الخال عامر يدخن الارقيلة ويشرب الشاي جلسنا بالقرب منه قليلا وقال "ارجو ان تكون الايام القادمة افضل بكثير من هذه الايام "فقلت له هازئا"مع هذه الارقيلة والدخان الكثيف الذي يخرج وكانه عادم سيارة ..اعتقد بانها لن تكون افضل "فنهرتني زمن عن قول ذلك وقالت "بدل ان تهزاء بدخانه انصحه بان يقلع عنها ..يا معسل زغلول "فقال الخال"خطيبك يشرب الزغلول سك بدون قصدير ..انصح نفسك ياحبيبي"هنا نظرت زمن الى ساعتها وقالت "اسمحولي لقد تاخر الوقت كثيرا لا بد ان والدي ووالدتي ينتظروني بقلق "فقلت لها "اذا ساوصلك "فقالت " توصلني وانا معي سيارة "فقلت اذهب خلفك بسيارتي فسارت امامي اما خالي فقد لفت انتباهه شئ ما يتحرك خلف زجاج نافذة الغرفة التي ينام فيها ماجد وعندما اغمض عيناه حتى يرى بوضوح اكثر كان الخيال قد اختفى فاقنع نفسه بان ماراءه عبارة عن تهياءات واوهام ولكن مالبثت وان عدت الى الحديقة حسب طلب خطيبتي زمن فبنظرها لايجوز ان اترك الخال عامر وحده وهو تصرف غير لائق ولا يمت للذوق بصله هكذا هم المخرجون يفلسفون الاشياء البسيطة ويضخموها ويروها كرواية فسالني خالي
 "رفضت ان توصلها هكذا تكون الثقة بالنفس "
 " ليس ثقه ولا هم وانما هو خوفك من افلام الرعب التي تشاهدها وشكواك الدائم من الظلام وصل الى مسمعها فطلبت مني ان لا اتركك "
 " هل تعلم بان رايت شيئا يتحرك خلف تلك النافذة قبل رجوعك بدقيقة "
 " اية نافذه "
 " تلك"
 " انها غرفة ماجد وهو غاطس في النوم الان ..اذا فكلام زمن صحيح ياخال!! لقد كبرت ياخال "
 " اجلس اريد ان احدثك بموضوع هام جدا يتعلق بكبري "
 " وخوفك"
 " وخوفي هل ارتحت الان "
" يعجبني فيك ياخال بانك تعترف بسرعة ...ها ما هو موضوعك المهم "
 " احلام "
  " ..هل هي احلام ...ام كوابيس .."
 " احلام يارجل "
  " لقد عرفنا انها احلام ..لكن ماهي هذه الاحلام "
  " هههههه لم اعرف انك مجنون اللا الان ..انا اتكلم عن احلام المربية ..امراءة خلوقة واديبة ورزينه وراكزة وعاقلة ومسكينه والاهم من ذلك انها تعمل بشرف لكي تربي اولادها ..وانا رجل وحيد لا ونيس ولاشريك وقد تجاوزت الخمسين من عمري "
 " ال 55 ياخال "
  " هذا هو الاستنتاج الوحيد الذي خرجت به من مجمل كلامي ...طيب ياسيدي ولا تزعل 60 سنه.... هل ارتحت الان ..خلاصة حديثي ياسيد مالك .... انا اريد ان اتزوج احلام..."
 " هل تريد راي بالموضوع ..ام فقط تنقل لي رغبتك كاصدقاء "
 " طبعا يامغفل اريد رايك ..."
  " راي ان تنسى هذا الحديث ..لانه لن يعجب تيماء اولا ..وثانيا ..الوالدة التي هي اختك ..لن تقبل باحلام ..ليس لانها مربية وارملة ولديها اربعة اطفال ..بل لانها مسيحية ..وانت تعلم كم حاولت والدتي ان تثني فؤاد عن قبولها كمربية لاطفاله واستبدالها بمربية اخرى مسلمة "
 " ليس هذا السبب"
 " وهل هناك اسباب اهم من هذا السبب"
  " فكرة اختي جميلة ..بانه مادام هناك مربيات مسلمات ونازحات وبحاجة الى المال فهم اولى من المربيات من الديانات الاخرى ...وقد اخبرت فؤاد بانه اذا لم يجد مربية مسلمة بمهارة احلام فلا باس ان يحتفظ بها ...فاختي امراءة صالحة وتحب الخير للجميع ولا تفرق ابدا بين ديانه وديانه اخرى فبالنهاية نحن بشر والله هو الذي يحاسب البشر على دياناتهم ومعتقاداتهم ..وقد احل الشرع زواج المسلم بالمسيحية حتى لو بقت على دينها ...انت ياابني دخلت الجامعة وتخرجت منها على كتب الهندسة فقط ..الم تقراء كتب اخرى ...لابد ان مخي اصابه خلل حتى اطلب رايك .." فاخذ نفس من الارجيلة ..وقال لي وهو يناولني بربيش الارقيلة  " امسك كملها ..انا ذاهب لانام بغرفة الغرام -وكان يقصد الغرفة الزجاجية- لا تنسى ان تصحيني على صلاة الجمعة..وتصبح على خير " ولكني تركت الارجيلة بمكانها فانا لست من انصار الاراقيل والقهواي والجلوس ساعات طويلة انفخ رئتي بدخان المعسل ثم انفخه بالهواء حتى السيجارة لا وجود لها في حياتنا المدخن الوحيد في هذه العائلة هو خالي لذا توجهت فورا الى المنزل واثناء صعودي اول درجة سمعت احدا يتنحنح (اي يصدر صوتا للفت انتباهي) ولكني جزعت وشعرت بالخوف فالساعة قد قاربت على الثانية صباحا ولم اتوقع ان اجد اي فرد من افراد العائلة صاحيا لهذه الساعة نظرت الى الصالون المظلم فاذا بماجد يقترب ويظهر من خلال الظلام صدقوني اردت ان اصرخ باعلى صوتي ولكن كتمت صوتي باللحظات الاخيرة حين رايته. اذا ما راءه خالي على النافذه لم يكن بخيال او وهم رايت بماجد ما لااتوقعه فقد كان يلبس قميص وبنطلون جينز وصندل جلدي حتى انها ملابس قديمة رثه عفى الزمن على موديلها وسالته
 " الى اين انت ذاهب بهذه الساعة وما هذه الملابس التي تلبسها "
 لم يجبني على سؤالي بل اقترب مني وانا مازلت اقف على اول درجة وقال لي
" زمان والله يامالك تعال وعانقني اشتقت الى عناقك وكلامك اشتقت لكل شئ يذكرني فيكم "
 فقلت متهكما وانا اعانقه
  " وهل الذي يشتاق الى اهله لا يتصل فيهم ولا يسال عنهم ولا يعلمهم بمكانه .. خمس سنين ياماجد ليس بشهر او سنه بل خمس سنوات ونحن لا نعلم اي شئ ..لقد نسينا ملامحك ونسيت ملامحنا واحمد الله ان الوالدة مازالت على قيد الحياه فهي الوحيدة التي تستطيع ان تميز اولادها وتعرفهم من رائحتهم على بعد كيلوات ..حتى لو انني التقيت بك في الشارع فلن اعرفك "
  "ما زلت مالك الفيلسوف ..اسمعني يااخي ..المهم اني عدت الى وطني وعائلتي واحبابي .. وان شاء الله ستعرفون كل شئ ...اما الان يجب ان توصلني الى المطار فزوجتي وابني على وصول .." قلت وانا مصدوم
 " ماذا ؟؟؟ زوجتك وابنك ..انت صاحي ..هل تدرك ماتقول ..شو زوجتك وابنك .."
 قال لي وهو يتابطني ويسحبني للخارج
 " نعم انا متزوج ولي ابن مازال رضيعا واسمه جميل على اسم الوالد وزوجتي جزائرية ..وساكمل لك القصة ونحن في طريقنا الى المطار .."
 فرحت اضرب كفا بكف واتصور وقع المفاجاءة على العائلة عندما يعلمون بان ماجد متزوج ..ولكني اعتقد بقرارة نفسي ان مازال هناك قنابل وصواريخ واسرار سيفجرها ماجد فينا لاحقا لان الكل يبحث عن جواب واحد الا وهو اين كان ماجد مختفيا كل هذه المدة. وفي طريقنا الى المطار التزم ماجد الصمت، وكاد صمته يقتلني، ولكنه بعد لحظات الصمت التي عشناها سويا في داخل السيارة نطق وقال
 " قبل انتهاء رساله الماجستير بشهرين تعرفت على شابة( جزائرية ) من اب جزائري وام فرنسية وتعمل محاسبة في احد الجمعيات الخيرية الجزائرية التي تعتني بالمهاجرين الجزائرين في بريطانيا  تعرفت عليها في احد المقاهي بالصدفة تبادلنا الحديث عدة مرات وفي عدة مناسبات خرجنا سويا في موعد.. اكثر من مرة.واتفقنا على انهي رسالتي واسافر الى وطني واخبركم بقصتني وانال مباركة الوالد والوالدة على الزواج ثم اعود الى لندن ونسافر سويا الى الجزائر حتى اقابل والدها واعمامها ثم نعود الى بلدي ونتزوج هنا "
  " ولماذا لم تتصل ببوالدك او والدتك او اخيك الاكبر لتخبرهم "
  "بعد ثلاثة ايام من منحي درجة الماجستير بنقدير ممتاز ومع مرتبة الشرف واثناء وجودي في منزلي انا وبسمة نجمع حقائبي وفي ذلك اليوم اتصلت بوالدي وبوالدتي وكانوا فرحيين جدا برسالة الماجستير والتقدير الكبير وكنت قد اتفقت مع بسمة على ان نتزوج ثم نعود بعد سنه الى لندن للعمل والعيش سويا فيها واذ ابالبوليس السري( الاسكتلنديارد) يقتحمون  منزلي باسلحة ومسدسات وخوذ وخبراء تفجير وانا وبسمة لا نعرف ماذا يحدث كنا مندهشين وفزعين وبسمة تصرخ وانا حاولت ان استوعب ما يحصل اللا انهم اعتقلونا  بتهمة الارهاب.. والتخطيط  لتفجير مناطق حيوية ومهمة داخل لندن ..لقد وجدو بعض المواد التي كنت استعملها في تجاربي المتعلقة برسالة الماجستير تحوي على مواد قابلة لصنع المتفجرات..وسنه كاملة لا اعرف اين انا ...في السماء او فوق الارض او ممكن ان اكون تحت الارض ..تحقيق وتعذيب وتشويه واجهزة توصل بجسمي منها ما يزمر ومنها مايصفر ومنها مايتكلم ...حتى ان لندن كاملة بشرطتها وحرسها راحوا يبحثون عن تلك المتفجرات المزعومة ..وبعد ان تبين لهم صحة كلامي وهم كانوا على يقين تام باني لا اكذب ..ولم اصنع اي متفجرات ..وليس لي اي علاقة باي تنظيم ارهابي اللا انهم كانوا يصرون على ابقائي داخل جدرانهم ..هل تعرف لماذا لانهم جبناء يخافون العرب والمسلمين كانوا يقولون ان تسجن مسلم فانت تنقذ 100 بريطاني من الموت "  " وبسمة صديقتك ..اين ذهبت "
  " لقد افرجوا عنها ..فهي لا تمثل اي تهديد بالنسبة اليهم ..لانهم متاكدين ببراءتنا ...كانت السنتين كافية لهم فلم يقع اي انفجار بلندن ..وهذا من حسن حظنا طبعا ..فلو انفجرت جرة غاز  في احدى الشقق في اي مدينه ببريطانيا..لنسبوها لنا "
  "وبعد ان افرجوا عنك لماذا لم تتصل بوالدي فقد كان مازال على قيد الحياة "
   " لقد كنت في حالة سيئة جدا ..وفقدت نصف ذاكرتي فاخترت ان اسافر مع بسمة الى الجزائر ومن ثم كيف تريدني ان اعود اليكم وانا نصف بني ادم حتى شهادة الماجستير تم حرماني منها . .."  "هل تريد مني ان اصدق هذه الحكاية ..فشكلك الان يوحي بانه لم يمضي على خروجك من السجن يومان ..مازلت شاحب اللون وهزيل ويداك ترتعشان وملابسك القديمة الرثة ..اقنعني كيف هذا المنظر الذي انت فيه..ومضى على وجودك بالجزائر سنه كاملة ..وقد تزوجت وانجبت ..اليس من المفروض ان تتحسن احوالك "  " كلامك عين الصواب يااخي ..واختياري للجزائر كان خطاء فادح ..كان يجب ان اعود الى بلدي واهلي ..فبعد ان تزوجت بسمة رحت ابحث عن عمل ولكن جميع الابواب اغلقت بوجهي .. وكنت تحت الرقابة ... وكنت على يقين بان هناك جهة معينه تقف حائلا بيني وبين العمل ..لذا عملت في مزرعة ابقار تعود لاحد اعمام بسمةكان العمل شاق جدا والاجر قليل لايفي بكل الالتزامات التي ارهقتني ، وبعد ان وضعت بسمة ابننا جميل قررت العودة الى بلدي واهلي فالغمامة التي كانت تظلل ذاكرتي انقشعت وتلاشت ..وها انا احكي لك قصتي ..ولم يمضي على وجودي معاكم اللا ساعات  ..   "
"ولماذا لم تحظر زوجتك وابنك معك "
"" رفضت ان ترافقني بسبب وضعها الصحي فلم يمضي على والدتها لجميل اللا شهر..فحجزت تذكرتي على اساس ان تتبعني بعد شهرين  ..ولكن والدها اقنعها..بان مكان الزوجه هو بجانب زوجها... ولكن لم اجد لها حجز على نفس الشركة فاضطررت ان احجز لها على شركة اخرى..       هل اكتفيت من استجوابي..صدقني تنفع بان تكون محقق  وليس مهندس ...هلكتني باسالتك  ..ارحمني يامالك .."
" حسنا..  لقد وصلنا المطار..ولكن ليكن بعلمك اسالتي واساله العائلة لم تنتهي..فانا على يقين بان هناك امور كثيرة تحتاج الى ايضاح اكثر منك"
 "المهم اني عدت اليكم ..ولا اريد ان استرجع الماضي لكثرة الامه ..فانا اتطلع للمستقبل وحياه جديدة  .. ... ستتعرف على زوجتي بسمة  ..وابني الرائع جميل انه يشبه جده .. ..لكن انتظر ..لا اريدك ان تذكر قصتي البائسة هذه الى باقي العائلة ..لا اريد ان افطرقلوبهم واسبب لهم الحزن .. "
  " واخيك فؤاد اليس من حقه ان يعرف قصتك "
  " ساقول له ولوالدتي ولكن ليس الان...الان اريد استرجاع حياتي وتعويض نفسي عن كل الاشياء الجميلة التي فاتتني ..فما زالت ذاكرتي بطيئة بعض الشئ ..ولكن معكم وبمساعدتكم ستكون الحياه جميلة وممتعة "
 توقفت بسيارتي امام باب القادمين وطلب مني الانتظار واصر على ان انتظره بالسيارة حتى يتاكد من وصول الطائرة اللا ان احد رجال امن المطار طلب مني التحرك والانتظار بالموقف المخصص للسيارات اللا ان ماجد عاد عندما لمح رجل الامن يتكلم معي وراح يتكلم بحدة وعصبية مع رجل الامن حتى ظننت بان ماجد سيضرب رجل الامن فنزلت من السيارة وطلبت من ماجد ان يهداء وقدمت اعتذاري لرجل الامن الذي استاء كثيرا من تصرف ماجد واستيائي كان اكبر فالموقف لايستدعي كل هذا التعصب والتطاول على رجل الامن فاشرت لماجد باصبعي بان يذهب الى قاعة القادمين ثم صعدت الى سيارتي وحركتها من امام الباب وركنت سيارتي في مواقف السيارات ثم توجهت الى القاعة فبحثت بنظري لعلي ارى ماجد ولكنه اختفى فنظرت الى اللوحة الالكترونية ولكن صوت ماجد شتت نظري عن اللوحة وشد انتباهي عندما رايته يظهر من خلف احد الابواب ومعه امراءة تحمل طفلا وتلبس بعباءة سوداء وتغطي شعرها وفمها وانفها بشال اسود وهنا سالني:
 " الم اقل لك بان تنتظرني بالسيارة بدل عناء الدخول الى هنا ...كان يجب عليك ان تدعني القن ذلك المارق الغز درسا لن ينساه ..انها خمس دقائق .."
فقدمني لزوجته باسمي وقدمها لي باسمها..فاردت ان احظن زوجة اخي..وهيائتو نفسي لاحظنها ..فشعرت بنفورها... فهيائت لها باني اريد حمل الطفل فقط ..فانا معروف بسرعة بديهتي خاصة بالمواقف التي اشعر بانها ستحرجني ..فناولتني الطفل ..فحظنته وانزلت عليه قبلاتي ...كان لايشبه احد فينا ..ولا حتى يشبه والدي كما قال ماجد ..بل كان يستحق الاسم لانه فعلا جميل جدا ..والجميلة الوحيدة في عائلتنا هي والدتي... جميلة ..وللاسف وانا واخواني كنا نشبه والدنا جميل بشعره الاجعد وحواجبه العريضة وفمه الكبير ونحافة الوجه وقصر الرقبة وكنت امتاز عن فؤاد وماجد بجسمي الرياضي وهو الذي اخفى تلك العيوب بصراحة ..ولكن مالفت انتباهي ونحن نخرج من قاعة القادمين  اللهجة العراقية التي كنت اسمعها من بعض الاشخاص ولكني واصلت السير وكنت فرحا جدا بهذا الطفل الذي سيملاء حياتنا بهجة وسرور بالاضافة الى البهجة والسرور الذي يملاءه مراد ومريم ..ولكن الاطفال لهم رونق خاص بحياتنا ..فمراد ومريم كبرا بعض الشئ واصبحت كلمة طفل تزعجهم  ..لانهم يريدون ان يكبرو بسرعة باعتقادهم ان حياة البالغين من ذكر وانثى اجمل بكثير من حياة الطفولة والقاصرين لما يتمتع به البالغين من مميزات كثيرة كالزوجة والبيت والسيارة والوظيفة والمكانية الاجتماعية فالصغار يعتقدون بان البالغ يملك مصباح علاء الدين ماعليه اللا ان يفرك ذاك المصباح والباقي على العفريت ليحقق له جميع امانيه لاننا اصبحنا نعلق حياتنا وامانينا ومستقبلنا على قطعة نقدية نقبلها ونرميها في نافورة ماء او قفل نعلقه على جسر فوق نهر ما او برساله ندسها في حائط متهالك فتلك هي امانيهم ..ولكني كنت سعيد باخي ماجد وزوجته وابنه ..وصلنا منزلنا بعد نصف ساعة من الصمت ..فركنت السيارة بالكراج ..ثم توجهت الى صندوق السيارة بشكل بديهي .ولكن تذكرت شيئا ..فانا لم ارى اي حقائب مع ماجد او مع زوجته، فسالت ماجد عن حقائب السفر .فاخبرني بان الحقائب ذهبت بالخطاء الى مطار اخر وسيستلمها بعد يومين ..فطلبت منه وصل الاستلام فالمطار قريب من مكان عملي ..فقال
 "لا لا لا داعي انهم سيتصلون بزوجتي عند وصول الحقائب..شكرا لك يامالك ..لقد سببنا لك التعب "
" مافي اي مشكلة يااخي ..وتعبك راحة وبسكوت ..احنا في الخدمة ياابو جميل ...ويا ام جميل " حينها تكلمت بسمة ام جميل بلهجة جزائرية:
"ان شالله انرد الجميل جميلين ..وانا فرحانه جدا بقدومي عندكم..انتم اهلي وناسي "
 ..ثم صعدنا الدرج سويا ..فذهبت الى غرفتي ..وغيرت ملابسي ..فسقط موبايلي ارضا ..تناولته وتفقدته ..فوجدت عشر مكالمات فائته من زمن ..كنت اضعه على الصامت ..حين دخلت المستشفى مع فؤاد ولم اتفقده ..نظرت الى ساعتي كان الوقت يشارف على الثالثة صباحا ..فدخلت الى الحمام ..فقد تعودت قبل النوم ان ادوش بماء بارد فالماء البارد له فائد كثيرة اهمها حصولي على شعر ناعم وجذاب وبشرة بيضاء ...تدوشت واستلقيت على فراشي ...وقلت بنفسي ماهذا اليوم العاصف بالاحداث... ظهور اخي ماجد... المفاجاء ثم بعد ساعات تظهر زوجته ..ولم يمضي على وجوده معنا اللا 10 ساعات وقد كبرت عائلتنا بثلاث اشخاص ...زيادة سكانية سريعة بفضل اخي ماجد ..وانا من سنه لم استطع ان اضيف شئ لهذه العائلة غير خطيبة لا تريد ان تتزوج اللا بعد تحقيق حلمها الكبير باخراج فلم سينمائي يهز العالم ...لقد هزت بدني بهذا الحلم ..مع اني حاولت اقناعها بالزواج ومن بعدها نستطيع سويا العمل على تحقيق هذا الحلم ..فقالت لي ان الزواج يجمد جميع الاحلام ويرميها في سلة المهملات   ....هل صحيح ان الزواج يجمد الاحلام ...انا اعتقد ان الزواج يحدث الاحلام ليعيد بناءها بما يتناسب مع سعادة الزوجين فتتوحد احلامهم ..هي تريد ان تهز العالم باخراج فلم سينمائي وانا اريد ان اهز سريري ...لاخراج ابنائي الى العالم ...ولكن حبي لها علمني ان اكون صابرا ..كاظما لغيضي ...مهندسا لحياتي ...عاصيا لشيطاني ...فانا اعيش بنفس الزمن الذي تعيشه ...انها زمن حياتي ..تبا لماجد ولزوجته ولابنه ..وللزياده السكانية .. ونعم لتحقيق الاحلام اولا ...!!!..
  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة الرجل ذو الايدي المت سخه